يعد التواضع من أفضل الصفات الحميدة التي يجب تربية أطفالنا عليها، فالتواضع يعزز في النفس الهدوء، والبساطة، والراحة، والسعادة، فالإنسان المتواضع كالطير، يحب أن يذهب هنا وهناك، يرغب في إسعاد الآخرين، ومساندتهم، ويشعر بخاطرهم؛ إذًا فتربية الطفل على التواضع أمرٌ مهم، تعود ثماره الطيبة على الأسرة، والمجتمع بأكمله، نعلم أن زرع تلك الصفة في جذور الطفل أمر ليس سهلًا، وإنما سنوضح بعض النصائح البسيطة، التي يمكنك تعزيرها داخل الطفل؛ لينمو في نفسه التواضع منذ الصغر، واستكمالًا لموضوعات ليعرف أطفالنا أبطالنا، التي تحدثنا من خلالها عن موضوعات: كيفية تربية الطفل على القيادة، والشجاعة، والصدق، سنتحدث اليوم عن: كيف تربى طفلك على التواضع؟
المحتويات
أثر تربية الطفل على التواضع
- التواضع من أهم ما اتصف به سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد أوصانا على ضرورة تربية أطفالنا على تلك الصفة الحسنة، التي تعود على الفرد، ومن حوله بمنافع عديدة، فحرص الأسرة على تربية الطفل على تلك الصفة، يساعد على خلق آثار إيجابية، ونشر تواصل مبني على المودة، والمحبة، والتعاون.
- قال الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز: ” وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا ” لذا فأولى ما يجب تربية الطفل عليه هو التواضع؛ وأهم آثار ذلك الأمر تحلي الطفل بصفاتٍ حسنة منذ صغره، مثل: احترام الآخرين، وحسن التصرف مع أصدقائه، وحب مساعدة الآخرين، وبعد ذلك سيصبح هذا الطفل شابًا يافعًا، يصبح بإمكانه التأثير بشكل أكبر على من حوله من أفراد المجتمع، وسيحصل على محبة الآخرين، وودهم.
كيف تربي طفلك ليكون متواضع؟
- كن نموذجًا صالحًا لأولادك
التربية الحسنة تساوي القدوة الحسنة، الأطفال يتعلمون مما يشاهدونه من الآباء، لا تشكُ من عدم قدرتك على تربية الطفل على التواضع، وأنت تمتلك صفات التكبر، والغرور، الطفل يلاحظ تصرفاتك، يلاحظ أفعالك، سواء كانت أفعالك إيجابية، أو سلبية، فإنه يتخذ منها دروسًا يتعلم منها، فكن متواضعًا؛ حتى يصير طفلك متواضعًا، ويتعامل باللطف مع الآخرين.
- تشجيع الطفل على الاعتراف بالخطأ
يجب تربية الطفل على شجاعة الاعتراف بالخطأ، وأن أي إنسان مهما كان، من الوارد أن يخطئ، فإن هذا الأمر يعزز التواضع بداخل الطفل، كما يجب تربية الطفل على ثقافة الاعتذار عند الخطأ، إضافةً إلي تعزيز شخصية الطفل على تقبل أعذار الآخرين، والتسامح.
- اثنِ على تصرفات الطفل الجيدة
يجب تشجيع الطفل دائمًا، ومنحه التقدير، فمثلًا عندما يحصل الطفل على درجات عالية في امتحانٍ ما، تأكد أنك قمت بالثناء على اجتهاده، وتشجيعه؛ ليستمر نحو الأفضل، وأيضًا عندما يقوم الطفل بمساعدة عجوز، فيجب عليك أن تخبره بأنك سعيدٌ بما فعله الطفل، وشجعه على الاستمرار في مساعدة الآخرين، والتواضع لهم.
- تربية الطفل على عدم مقارنة نفسه مع الآخرين
عليك بتعزيز شخصية الطفل على أن يكون مميزًا بصفاته الإيجابية، كما يجب عدم مراعاته لما يفعله الأطفال من حوله، خاصةً محاولة تقليد التصرفات غير الصحيحة.
- التحاور الإيجابي مع الطفل
يجب علي الأسرة أن تتحلى بآداب الحوار، وأساليبه الصحيحة، ومعرفة آراء جميع الأفراد، والنقاش حول تلك الآراء، خاصةً أمام الطفل؛ لزرع أهمية المشاورة والحديث مع الآخرين بداخله، من أجل التوصل إلى حلول إيجابية، كما أن هذا الأمر يعزز بداخله التواضع، والثقة بالنفس.
- ضرورة تربية الطفل على احترام القواعد
يجب على الوالدين إخبار الطفل بأن هناك بعض القواعد الحياتية المهمة، التي يجب السير عليها، وعدم محاولة التعدي عليها؛ حتى لا تؤثر بالسلب عليه، وعلى من حوله، تلك القواعد إما أن تكون في المنزل بين أفراد الأسرة، أو المجتمع، والتأكيد على الطفل بالحرص على الانتباه لتلك القواعد جيدًا، ويتقبلها بالسلام، والاحترام.
- نبذ التكبر والغرور
يجب تربية الطفل على كره تلك الصفات السيئة، وعدم مجاراة أي شخص يمتلك تلك الصفات، أو محاولة تقليده، عليك أن تقصي لطفلك قصص الأطفال الذين تحلوا بالصفات الحميدة، وأيضًا من اتصفوا بسوء الصفات، وأن الشخص المتكبر لا يحبه الآخرون، بل ينبذه من حوله من أفراد المجتمع، ونقاش الطفل عن الأفضل؛ حتى يعقل بتفكيره، وحكمه أن الأفضل هو من تحلى بالصفات الطيبة؛ حتى ينغرس بداخله هذا الأمر دومًا، ومن ثم تصبح لديه عقيدة مؤكدة بشأن هذا الأمر، لا يمكن تغيرها.
القدوة الحقيقية ودورها الفعال في تربية الطفل
- لقد تغير المفهوم الصحيح للقدوة الحقيقية، حيث أصبح الطفل لا يعرف سوى شخصيات الكرتون، وأبطال ديزني الوهميين، حتى أن بعض الشباب لا يعون مفهوم القدوة الحقيقية، إلا أنه من الجدير بالذكر، أنه لو نظرنا حولنا، لوجدنا العديد والعديد من الأبطال العظيمة الحقيقية، التي أثرت في عصرها، وما زال هذا التأثير نلتمسه حتى الآن، لو اكتفينا بالبحث في تاريخنا الإسلامي، لوجدنا مئات الشخصيات التي غيرت موازين التاريخ، وكان لهم الدور البارز في حماية الإسلام من أعدائه.
- لذا فنحن في الوقت الحالي في أمس الحاجة إلي أن نقص لأطفالنا سير تلك الأبطال، خاصةً بعد انتشار العولمة، واختلاط الكثير من المصطلحات المعادية لمفاهيم الإسلام، لو بحثنا عن شخصيات في تاريخنا العريق تحلت بالتواضع، لوجدنا العديد من الأبطال الذين طبقوا كافة مفاهيم التواضع، بالقول، والفعل، ويكفينا لو ذكرنا من كل هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية.
شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية
- لو نظرنا في تاريخ هذا البطل الإسلامي، لوجدناه ممتلئًا بالكثير من الأعمال البطولية، كما يعد من أفضل علماء العصر المملوكي الذي عاصره، وقد نال العالم الكبير ابن تيمية العلم الوافر، والمستفيض، بشأن التاريخ الإسلامي، والدعوة، وقد اتصف بأفضل ما يمكن أن يتصف به الفرد من التواضع، والفطنة، وكثرة العلم، وحب المعرفة، والصدق، والبر، والإحسان، إلا أن أهم ما ميز هذا البطل الإسلامي هو تواضعه، الذي ترك لنا دروسًا حياتية؛ نقتدي بها.
- تربى ابن تيمية على المذهب الحنبلي، عن أبيه، وجده، وقد أفتى في العديد من الأمور الإسلامية، قضى أول سبع سنوات في حياته في حيران، ومن ثم انتقل بعد ذلك إلى دمشق مع عائلته، شهد له جميع الشيوخ الذين تربى على أيديهم بحبه الشديد للعلم، وكان حريصًا على أن ينهل من العلوم المختلفة، مثل: الفقه، والتفسير، والحديث، واللغة العربية من أوسع الأبواب، حيث تعلم من مائتي شيخ.
- واجه شيخ الإسلام ابن تيمية الاعتقال والسجن أكثر من مرة؛ بسبب الخلاف حول بعض الفتاوى، والأمور الإسلامية، وقد عاصر ابن تيمية غارات التتار على بلاد الشام، وكان له دور بارز في التصدي لغزواتهم، كما أنه أخذ عهدًا من سلطان التتار لتأجيل دخوله دمشق، كما كان في مقدمة صفوف المجاهدين ضد غزوات المغول.
- تتلمذ على يديه العديد من شيوخ الإسلام البارزين، وأهم مؤلفاته ما يلي: كتاب زبدة الفوائد، كتاب شرح العقيدة الواسطية، تفسير المعوذتين، تفسير سورة الإخلاص، رسالة في منهاج التفسير، رسالة القياس، العقود، الأمر بالمعروف، الرد على المنطقيين، بالإضافة إلى العديد والعديد من المؤلفات الثمينة الأخرى.
سلسلة ليعرف أطفالنا أبطالنا
1-ليعرف أطفالنا أبطالنا ( كيف تربي طفلك على الصدق ؟ )
بقلم: آية ياسر
المراجع:
إترك تعليق