حدث الزواج من الأحداث الجميلة التي تمر علينا لما فيها من سعادة وسكينة واستقرار للزوجين، فقد خلق الله سبحانه وتعالى الرجل لا يستطيع العيش بدون المرأة وكذلك المرأة لا تستطيع العيش بدون الرجل، وهكذا خلق الله أدم وخلق من ضلعه حواء وجعل الاثنين مكملين لبعضهما البعض، قال الله تعالى:” وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا” النحل الآية (٨٠)

1- ما هو الزواج في الإسلام

يعرف بأنه كل إرتباط علني يتم بعقد شرعي ويوثق قانونا بنية العفة، وهدف الزواج هو تكون الذرية الصالحة لخلافة الأرض وعمارتها، وهو من سنن الأنبياء والمرسلين حيث قال الله تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ” الرعد آية (٣٨)

كما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ” متفق عليه.

 2- أركان عقد الزواج في الإسلام

عقد الزواج في الإسلام له أركان لا يتم إلا بها حتى يتم اعتبارة صحيحاً، وبعض الفقهاء جعل الأركان ركناً واحداً، والبعض الآخر جعلها أكثر من ركن، ومن أهم هذه الأركان:

  • وجود الزوجان :

وهو شرط أساسي في إتمام عقد الزواج، ولا ينعقد إلا وجود الزوج والزوجة أو ما ينوب عنها.

  • أن تكون الزوجة خالية من موانع الزواج الشرعي:

يجب على الزوجة ألا تكون متزوجة بغيره، أو تكون عدتها منتهية ذا كانت مطلقة، كما لا يجوز الزواج من مجوسية أو مرتدة أو عبدة فلا زواج إلا من حره.

  • أن يكون الزوج خالي من موانع الزواج الشرعي:

فلا يتزوج الرجل محارمه، أو زوجة خامسة أو أن يكون متزوجاً من أختها أو أن تكون محرمة في حج او عمرة.

وقال الله تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا” النساء آية (٢٣)

  • صيغة عقد الزواج في الإسلام :

وهو ركن من الأركان التي تم الإجماع عليه بين الفقهاء، ويتكون من الإيجاب والقبول، ويتحقق بصيغة أي لفظ أو كلام يدل عليه ويعبر عنه، والإيجاب يكون من الطرف الأول للعقد سواء الزوج أو الزوجة، القبول يكون من الطرف الآخر.

  • ولي الأمر :

لا يتم الزواج إلا بولي وذلك لما ورد عن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وَسلّم قَالَ:” أيّمَا امْرَأَة نَكَحَت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ثَلَاثاً”. رواه أبو داوود.

وفي مصر يطبق المذهب الحنفي في قوانين الأحوال الشخصية وذلك منذ عهد الدولة العثمانية إلى الآن.

  • المهر :

هو ركن متفق عليه عند الفقهاء وذلك لقول الله تعالى:” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ” النساء آية (٤). وأيضاً ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” الْتمسْ ولَو خاتماً مِن حديدٍ” رواه البخاري ومسلم، ويسقط المهر بالتراضي بين الطرفين.

  • الشهود:

لا يتم عقد الزواج إلا بوجود شاهدين من الرجال بشرط ان يكونوا مسلمين بالغين عاقلين يعرف عنهم الصدق والعدالة، لقولة تعالى:” وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ” الطلاق آية (٢)

3- آثار عقد الزواج في الإسلام

إذا استوفى الزواج أركانه وشروطه أصبح له آثار شرعية وحقوق مترتبة عليه وهي كالتالي:

  • الاستمتاع : يحق للزوجين أن يستمتع كل منهما بالآخر في الإطار الذي حدده الإسلام، طالما لا يوجد مانع شرعي مثل الحيض والنفاس.
  • المعاشرة بالمعروف: وهي واجبة على كلا الطرفين وتتمثل في إطاعة الأمر، وعدم الإيذاء، وإحسان المعاملة.
  • الحصول على المهر: يحق للزوجة الحصول على المهر المسمى في عقد الزواج.
  • النفقة : يجب على الزوج أن ينفق على زوجته ويوفر لها كل من المسكن والطعام والشراب والكسوة.
  • الميراث : إذا كان عقد الزواج صحيحاً يحق لأي من الزوجين أن يرث الآخر، مالم يكون هناك مانع شرعي لذلك.
  • ثبوت النسب: ويتم إثبات نسب الأولاد للزوج طالما أن عقد الزواج صحيح.
  • حرمة المصاهرة : تحرم الزوجة على أياً من أصول الزوج وفروعه بمعنى تحرم الزوجة على والد زوجها وأجداده وأولاده ونسل أبنائه وبناته ، وكذلك الزوج يحرم عليه أصول زوجته وفروعها، بمعنى يحرم عليه والدة زوجته وجدتها وأولادها.
  • العدل بين الزوجات : يجب أن يعدل الزوج بين زوجاته بأن يتم التسوية بينهن في الحقوق والواجبات والنفقة والمعاشرة والاستمتاع، أما الحب والهوى فهو ليس بيده كما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:” كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك”. رواه أبو داوود والترمذي.
  • الطاعة : يجب على الزوجة إطاعة زوجها إذا طلبها في الفراش، ولا تصوم النوافل إلا بإذنه، ولا تحج إلا بصحبته، لقول الله سبحانه وتعالى: “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة”. البقرة آية (٢٢٨).
  • الاستئذان : يجب على الزوجة أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا بإذن زوجها، بشرط أن يكون البيت صالح للسكن وليس هناك أي مانع يمنع إقامتها به.
  • التأديب : يحق للزوج تأديب زوجته إذا قصرت في أي من واجباتها وحقوقه.

 4- فوائد الزواج في الإسلام

يحقق الزواج العديد من الفوائد على الزوجين من أهمها:

  • الزواج في الإسلام يحفظ الزوجين ويكون طريقاً شرعياً لإشباع غريزتهما الجنسية، بالصورة التي يرضها الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم:” حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلتْ قرَّة عيني في الصلاة” رواه النسائي وأحمد والبيهقي.
  • طريق لتعمير الأرض، واستمرار الحياة وتقوية العلاقات والروابط بين الناس حيث قال الله سبحانه وتعالى:” وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا” الفرقان آية (٥٤)
  • كسب الحسنات : كما ورد في الحديث الصحيح:” قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم، لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟ قالوا: بلى. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” رواه مسلم.
  • زيادة الذرية الصالحة التي تعد من متع الحياة الدنيا حيث قال الله تعالى:” الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” الكهف آية (٤٦).

 5- أنواع الزواج قبل وبعد الإسلام

ظهر العديد من أنواع الزواج قبل وبعد الإسلام ما هو حلال ومنها ما هو حرام، والأنواع كالتالي:

  • الزواج الشرعي: وهو الزواج المتعارف عليه والذي تحدثنا عنه سابقاً.
  • زواج المسيار : وهو زواج مكتمل الأركان والشروط الشرعية والأحكام ولكن الزوجة توافق على التنازل عن كل حقوقها  الشرعية أو بعضها مثل النفقة والمهر والمسكن وغيرها. وهو زواج جائز عند بعض الفقهاء.
  • زواج المتعة : وهو الزواج المشروط بمدة معينة يتم الإتفاق عليها ثم يحدث الطلاق بانتهائها. وهو زواج محرم عند أهل السنة والجماعة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً” رواه مسلم.
  • زواج عرفي : ينقسم إلى قسمين؛ شرعي وباطل. الشرعي وهو زواج مكتمل مثل الزواج العادي المتعارف عليه، لكنه لا يوثق في السجلات الرسمية، ولكن بعض الفقهاء يحرم هذا الزواج بسبب ما يترتب عليه من إهدار الحقوق الشرعية للزوجة من نفقة، وأحياناً لا يتم الاعتراف بالأبناء مما يسبب مشاكل وأضرار كبيرة. أما الباطل وهو ما يتم سراً بين الرجل والمرأة وهو زواج باطل حتى لو كان هناك شهود، لأنه مبني على السرية.
  • زواج التحليل: وهو زواج من تم طلاقها ثلاث حتى تحل لزوجها الأول، وهو زواج باطل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:” لعن رسول اللَّه المحلل والمحلل له”رواه ابن ماجة، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بالتيس المعار”؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: “هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له” رواه ابن ماجة.
  • زواج مشروط : وهو زواج مكتمل الأركان ولكن يقيده أحد الزوجين بشرط مثل عدم الإنجاب وهو زواج حرام اذا خالف الشرط أحكام الشريعة
  • زواج الشغار: وهو زواج يشترط فيه ولي الفتاة أن يزوجها مقابل أن يزوجه الآخر وليته بدون صداق ولا مهر، وهو زواج نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه.

6- المصادر :

بقلم إبراهيم المحلاوي