1- ظاهرة تنمر الأطفال

هل حدث لك أن تلقيت مكالمة هاتفية من مدرسة طفلك أو ربما من والد طفل آخر، وتم أخبارك بأن طفلك يمارس التنمر، فماذا ستفعل؟ وكيف تتصرف سريعاً حتى تقوم سلوك طفلك؟ هل ستتركة هكذا أم ستدخل لتقويمة؟ فهذا السلوك يضر بحياته بالفعل وسيستمر في فعل ذلك إذا لم تتدخل فوراً بطريقة صحيحة وفي التوقيت المناسب.

تنمر الأطفال أصبح ظاهرة عالمية يعاني منها العديد من الأطفال حول العالم خصوصاً في مراحل التعليم الأولى، وتسبب لهم الكثير من الأذى النفسي والإجتماعي والسلوكي. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يقوم طفلك بالتنمر؟ وما الأسباب والخلفيات الإجتماعية التي تدفعه إلى هذا السلوك المشين، سنستعرض سوياً كل ما يتعلق بهذه الظاهرة بشكل مبسط ودقيق.

2- ماهو تنمر الأطفال ؟

ويعرف التنمر بأنه نوع من أنواع السلوك العدواني الذي يقوم به الطفل بهدف بإيذاء طفل آخر والتسبب في خلق المشاكل له وعدم راحته قاصداً ذلك ويفعله بشكل متكرر.

ونستنتج من هذا التعريف أن ليست كل المضايقات تعتبر تنمراً بل لابد من توافر ثلاثة أشياء وهم: التعمد والتكرار واختلال القوة.

3- معدلات ظاهرة تنمر الأطفال

في عام 2001 أجريت دراسة واسعة النطاق في الولايات المتحدة، حيث طلب من قرابة الـ 16000 من طلاب الصف السادس حتى الصف العاشر تقييم أنفسهم بأنفسهم كضحايا تنمر أو متنمرين.

أظهرت النتائج أن 29.9 ٪ من الطلاب أشاروا إلى أنهم تعرضوا للتنمر، و 13٪ أشاروا إلى أنهم كانوا متنمرين.

4- أنواع تنمر الأطفال

قسم علماء الإجتماع التنمر إلى ثلاثة أقسام وهما :

  • تنمر لفظي: إستخدام الطفل للسب والقذف مع إستعمال ألقاب مهينة عند التعامل مع غيره من الأطفال بهدف السخرية أو التهديد.
  • تنمر إجتماعي: في هذه الحالة يحاول الطفل تخريب علاقته بزملائه بالعمل على نشر أكاذيب حولهم، بهدف تحطيمهم نفسياً.
  • تنمر جسدي: هو تعمد الطفل ضرب أقرانه باستمرار مما يتسبب في بعض الأحيان تشوهات جسدية للضحايا.
  • تنمر نفسي: وفيه يشعر الطفل بالتربص وإحساسه بأنه يختلق التنمر لينال الرعاية والاهتمام.
  • تنمر إلكتروني: وفيه يتم تهديد وتخويف الطفل عن طريق الرسائل الإلكترونية عبر وسائل التواصل الإجتماعي أو الرسائل النصية.

5- أعراض ظاهرة تنمر الأطفال

يحاول الطفل حل مشاكله الإجتماعية والنفسية بمفرده، وبما أنه غير مدرك لطريقة الحل فبدون وعي منه يبدأ في التنمر وأحداث الأذى النفسي بغيره من الأطفال فقد يلجأ الطفل في هذه الحالة إلى:

  • البلطجة :

يلجأ أغلب الأطفال إلى ممارسة العنف في مشاكلهم أو ما يضايقهم متأثرين بمشاهدتهم للأب وهو يمارس هذا السلوك المشين أمامهم بل ويمارسه معهم أيضاً مما يرسخ داخلهم تفكير سلبي عن كيفية حل الأمور والتعامل معها.

لذلك إذا لم يبدأ الأب في التعامل بحرص وعقلانية مع نوبات غضب طفله، فقد يعاني فيما بعد من مشكلات سلوكية ونفسية أكبر مع تقدمة في العمر.

  • النشاط المفرط ونقص الإنتباه

في أحداث الدراسات تم التوصل إلى أن تنمر الأطفال يبدأ مع زيادة النشاط المفرط ومع نقص حاد في الإنتباه بسبب عدم تطوير مهارتهم الإجتماعية والسلوكية، وقد يكون هذا سببا لاحقاً في إصابتهم بالاكتئاب والقلق المتزايد.

  • الغضب المستمر

في إذا كان الطفل سريع الغضب، ويصعب إرضائه فمن المحتمل أن هناك تغييرات سلوكية طرأت على عقليته بسبب حادثة ما، فيصعب السيطرة عليه تدريجياً، ولا ينصاع لكلام أحد، ويجب حينها متابعة سلوكه بشكل مستمر.

  • الأنانية

يكتسب الطفل خصلة الأنانية، ويسعى لتحقيق مصالحة الشخصية بأي تمن وعلى حساب أي شخص.

6-  أسباب إنتشار ظاهرة تنمر الأطفال :

لا أحد يولد متنمراً بل هو سلوك يكتسب، حيث تلعب التربية السلبية للطفل دوراً مساعدا في نمو سلوك التنمر داخله، ومن أهم هذه الأسباب التي تساعد في ذلك ما يلي:

  • العنف الأسري

يبدأ الطفل في تقليد وتخزين ما يشاهده في المنزل من سلوكيات الأب والأم مما يتأثر بشكل مخيف إذا كان الأب يمارس العنف الجسدي واللفظي معه ومع الأم.

  • التعرض من قبل للتنمر

في دراسة حديثة أكدت أن أغلب الأطفال الذين يمارسون التنمر تم التنمر عليهم من قبل، وممارستهم للتنمر هو محاولة لتخريج الكبت النفسي والجسدي الذي عانوا منه سابقاً.

  • الإهمال

من أكثر أسباب التنمر لدى الأطفال شعورهم الدائم بالإهمال والتجاهل داخل المنزل ويقابل هذا شعورهم بالإهمال في المدرسة مما يخلق داخلهم شعور عدواني تجاه الآخرين.

  • الغيرة

كثيراً ما يبحث الطفل عن لفت الإنتباه له حتى ينال القسط الكافي من الاهتمام ومع تدني هذا الشعور الذي يتحول إلى غيرة يسعى خلالها للسيطرة على كل ما في يد الآخرين من لعب وأدوات ثم يتطور الأمر للغيرة الجسدية كأن يصب غضبه على زميله لأنه مهندم الملابس أو لديه تسريحة شعر رائعة وغيرها من مظاهر الغيرة التي تنمو داخله بلا توقف.

  • الألعاب الإلكترونية

تتسبب الألعاب العنيفة التي يلعبها الطفل على تحريك السلوك العنيف داخله، لرغبته في تطبيق ما شاهده أو قام به داخل اللعبة، لذلك يجب الحرص على مراجعة الألعاب الإلكترونية التي يلعبها طفلك والتأكد من خلوها من مشاهد العنف، بل يجب الحرص على اختيار لهم ألعاب تساعد على تنمية سلوكهم الجيد.

7- آثر تنمر الأطفال على الضحايا :

الأطفال الذين تعرضوا للتنمر مراراً يعانون من مشاكل جسدية ونفسية مثل: آلام المعدة والصداع والقلق والتوتر، وفقدان الثقة بالنفس ومن الممكن يتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب مع تدني غير طبيعي في تقدير الذات، كما أن الأطفال الذين كانوا يحبون الذهاب إلى المدرسة قد يخشونها الآن، ويكون معدل التغيب عن المدرسة كثيراً مقارنة بذي قبل.

8- من هم أكثر عرضة للتنمر من الأطفال

  • الطيبين والمسالمين والخجولين
  • الطلاب الجدد في المدراس والحضانات
  • الأطفال المنطويين والذين يتجنبون الآخرين
  • المختلفين في الشكل واللون والعرق والديانة
  • الأطفال الأذكياء الموهوبين، المتفوقين في دراستهم.

9- طريقة علاج تنمر الأطفال

لا بد من وجود أهداف علاجية طويلة الأجل مع طريقة فعال للعلاج قصيرة الأجل، وهناك إرشادات يجب العمل بها:

بالنسبة للضحايا:

  • تعليم الطفل رياضة قتالية حتى يستطيع الدفاع عن نفسه إذا تعرض لأي تنمر.
  • بث الطمأنينة بداخل الطفل، ودعمه باستمرار
  • مساعدة الأطفال على التركيز على الصداقات الإيجابية التي لديهم وتشجيعهم على بناء صداقات أكثر دون خوف.
  • مساعدتهم على رؤية المستقبل بنظرة إيجابية.
  • إستشارة الطبيب إذا كان الأذى الذي تعرض له الطفل أكبر من قدرة الأبوين على التعامل معه.

بالنسبة للمتنمر :

  • على الأب أن يتعامل مع الأمر بجدية ولا يحاول أن ينكره بل يجب أن يسمع للقصة من جانب طفله حتى يفهم لماذا حاول فعل ذلك؟
  • متابعة الطفل باستمرار حتى يتم ملاحظة سلوكياته الخاطئة والعمل سريعاً على علاجها، أو الذهاب به لطبيب.
  • إعطاء مساحة للطفل ينفس عن غضبه
  • إبعاد الأطفال عن المشاكل والعنف الأسري
  • متابعة ما يشاهده الطفل على التلفزيون والإنترنت.

نصيحة : التنمر هو شخص ما على استعداد لاستخدام العدوان أو الإساءة اللفظية أو تدمير الممتلكات أو حتى العنف للوصول إلى مبتغاه لذلك لا تتوقع أن يتوقف طفلك عن التنمر بمجرد بلوغه سن الرشد ولهذا يجب علاجه الآن حتى تعطي طفلك مستقبل أكثر إشراقاً.

10- المصادر:

بقلم : إبراهيم المحلاوي