المحتويات
1-مقدمة
الحديث عن حكم العادة السرية، من المواضيع الشائكة، والتي تحتاج إلى تدقيق النظر، والبحث في أقوال أهل العلم؛ لأن التحريم، والتحليل توقيع عن رب العالمين, ومسألة العادة السرية في الإسلام من القضايا الخلافية، التي ترى فيها فئةً كبيرة من الفقهاء التحريم، وحصر قضاء الشهوة فقط على الزوجة، وهو الطريق الذي أباحه الله – عز وجل – وما وراء ذلك فإنه عدوانٌ, وقد ذكر الفقهاء بأن من طلب قضاء الوطر في غير الزواج، فقد بغى، وطغى, بينما يرى فريق آخر الكراهة، وأنه ليس ثمة دليل صحيح صريح على الحرمة, بينما يرى فريق ثالث من العلماء التفصيل في حكم العادة السرية, فدعونا من خلال طيات هذا الموضوع، نتطرق إلى العديد من النقاط المهمة، التي تخص الكثير من الأشخاص، خاصةً من هم في مرحلة المراهقة، والشباب، وكثير منهم يقبل على فعل تلك العادة السرية .
2-تعريف العادة السرية
العادة السرية هي من الممارسات الجنسية الفردية, وهي تعني عبث الإنسان البالغ ذكرًا كان، أو أنثى، بأعضائه التناسلية، أو في المناطق الحساسة في الجسم، بشكل عبثي، ومنتظم، وبصورة مستمرة؛ بغية استجلاب الشهوة، والعمل على تهييجها؛ طلبًا للاستمتاع، واللذة الجنسية .
وتعرف العادة السرية بالعديد من المسميات، ومنها :
– العادة السرية: حيث قد سميت بذلك؛ لأنها تمارس بشكل متكرر، فتصبح من العادات التي يصعب الإقلاع عنها, وقد اتصفت بالسرية؛ لأنها تمارس في السر، بعيدًا عن الأعين، وفي الخفاء والسر .
-الاستمناء: وقد سميت بالاستمناء؛ لأن تلك الممارسة تنتهي في نهاية المطاف بإنزال المني، أو القذف، بصورة لا إرادية, حيث أن معني الاستمناء خروج السائل المنوي في غير الفرج، وكثيرًا ما يستعمل هذا المصطلح في الفقه الإسلامي، وحديثًا يطلق عليه بشكل كثير حكم العادة السرية .
-نكاح اليد: لكونها من الممارسات الفردية، ولأنها تمارس في غالب الأمر من خلال اليد, وحديثًا فإنه تستعمل بعض الوسائل بدلًا من اليد، كالأجهزة الكهربائية الهزازة، التي تؤدي إلى إحداث ارتجاجات في العضو، من أجل الوصول إلى ذروة اللذة الجنسية .
3-حكم العادة السرية عند الأئمة الاربعة
في واقع الأمر، فإن العادة السرية عادة خبيثة، ومنكرة، ولها الآثار السلبية على فاعلها، في دينه، ونفسيته، وصحته, وأما عن أقوال الأئمة الأربعة في العادة السرية، واستمناء الرجل بيده عدة حالات :
الحالة الأولى: الاستمناء لغير حاجة, وقد اختلف الفقهاء في حكم استمناء الرجل بيده في تلك الحالة، فإن المالكية، والشافعية والحنابلة في المذهب، والحنفية، في قول لهم بأن الاستمناء حرامٌ، مستندين إلى قوله – جل وعلا -: ” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ, إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ” المؤمنون الآية ( 5 , 6 ) , بينما ذهب الحنفية في المذهب، وأحمد في أحد الروايات، إلى أن حكم العادة السرية هو الكراهة, وقيَّد الحنفية الكراهة بالتحريم، حيث صرحوا بأنه مكروه تحريمًا .
الحالة الثانية: وهو الاستمناء خشية الوقوع في الزنا, وقد اختلف الفقهاء في حكم العادة السرية في مثل تلك الحالة, فإن الحنفية، والحنابلة في المذهب في مثل تلك الحالة أنَّ من استمني خوف الوقوع في الزنا، فلا شيء عليه, وقد عبر الحنفية عن هذا بقولهم: ” الرجاء ألا يعاقب ” , وقد ذهب المالكية، وأحمد في رواية أنه يحرم، حتى لو خاف الزنا؛ لأن الفرج مع إباحته مع العقد، فإنه لم يبح بالضرورة, وقد جعل الشرع الحكيم الصوم بدلًا من النكاح، والاحتلام مزيل لشدة الشبق، ومفتر للشهوة, وأما عن الشافعية، فإنهم يحرمون الاستمناء، إلا إذا تعين طريق لدفع الزنا .
الحالة الثالثة: الاستمناء عند تعين طريق لدفع الزنا, وقد ذهب الحنفية، والحنابلة، والشافعية، إلى جواز الاستمناء، في حال تعين طريق للخلاص من الزنا, وصرح المالكية بأن الاستمناء للشخص بيده حرام، خشي الزنا، أم لا, لكن في حال ما إذا لم يندفع عنه الزنا إلا بالاستمناء، وممارسة العادة السرية، فإنه يقدمه على الزنا؛ لأنه بهذا قد ارتكب أخف المفسدتين .
4-اسباب انتشار العادة السرية ؟
من أهم الأمور التي نتحدث حولها في موضوع حكم العادة السرية، هو أسباب انتشار تلك العادة، ففي واقع الأمر، فقد انتشرت العادة السرية السيئة بشكلٍ كبير، بين الشباب، والفتيات، خاصةً بين المراهقين، والمراهقات، بشكلٍ واسع لسهولتها, وإمكانية ممارستها بصورة فردية، في مختلف الأماكن، ومن هنا فإنهم يمارسونها بصورٍ مختلفة، وعلى فترات، قد تطول، أو تقصر، على حسب الحالة النفسية للشخص، والنواحي الثقافية, أما عن أسباب انتشار العادة السرية، فإنها تتمثل فيما يلي :
1-تأخر سن الزواج لدى الشباب، والفتيات، لأسباب مختلفة من أبرزها: التأثر بالثقافات الغربية، والأنظمة الحاكمة .
2-الجهل بمخاطر، وأضرار العادة السرية، خاصةً من النواحي الطبية، التي قد أشار إليها المختصون في المجال الطبي .
3-نقص الثقافة الجنسية الصحيحة، المبنية على الفقه الإسلامي، والأخلاق، والآداب الإسلامية، بل إنها قد تنعدم لدى الكثير من الشباب، والفتيات، في ظل غياب الوازع الديني لديهم .
4- في ظل انتشار مظاهر الخلاعة، والمجون، والإباحية، التي عمت بها البلوى في المجتمع, والقنوات الفضائية التي تبث الرزيلة، والفساد، مع سهولة الوصول إلى المواقع الإلكترونية التي تبث تلك الأفلام الهابطة، والخليعة، والشبكات الاجتماعية، مما أدى إلى زيادة الرغبة الجنسية لدي الشباب، والفتيات، بصورةٍ جامحة، ومن ثمَّ الوقوع في فخ إدمان العادة السرية .
5- المحادثات الغرامية، سواء في الهاتف، أو من خلال الإنترنت .
6- النوم على البطن، والتفكير في الشهوة، مع الفراغ في الوقت، وكلها من الأسباب الدافعة إلى فعل العادة السرية .
5-كيفية علاج ادمان العادة السرية
إن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يرشد الشباب إلى الاستمناء، ولو كان خيرًا بالطبع لأرشدنا إليه, ولكنه – صلى الله عليه وسلم – قد أرشد إلى الزواج، أو الصوم، ومن هنا قد استنبط العلماء حكم العادة السرية، بأنها حرام؛ لعدم تصريح النبي – صلى الله عليه وسلم – بها، مع الآية التي قد أشرنا إليها، وتلك استنباطات العلماء, وقد قرر الأطباء بأن ممارسة العادة السرية، تؤدي إلى العديد من الأضرار البدنية، والنفسية، فهي تستنفد البدن، وتتسبب في الاكتئاب، وتشغل فاعلها عن القيام بالواجبات, وقد تؤدي إلى ارتكاب الفواحش، فإن الكثير من الرجال يصاب بالضعف الجنسي؛ بسبب إدمان ممارسة العادة السرية، والكثير من الأزواج قد فشلت حياتهم؛ بسبب إدمان العادة السرية، ومن ثمَّ وقوع الطلاق .
1-المبادرة بالزواج عند الإمكان، لقوله – صلى الله عليه وسلم – من حديث ابن مسعود قَالَ: ” كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) البخاري، ومسلم .
2- الاعتدال في الأكل، والشرب؛ حتى لا تثور الشهوة، فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد أوصى بالصوم، كما أشرنا في الحديث السابق، الذي رواه البخاري، ومسلم .
3-الابتعاد عن كل ما يثير الشهوة، مثل الاستماع إلى الأغاني الماجنة، والنظر إلى الصور الخليعة، مما يوجد في الكثير من الأفلام، والمسلسلات الماجنة، التي تبث عبر التلفاز .
4-توجيه الإحساس بالجمال إلى المجالات التي أباحها الشرع، من الرسم للزهور، والمناظر الخلابة، والمناظر الطبيعية غير المثيرة .
5-الانشغال بالعبادة، والواجبات الشرعية، وعدم الاستسلام للأفكار، وتخير الأصدقاء المستقيمين، الذين يعينون على الطاعة .
6-الاندماج في المجتمع، بالأعمال التي تشغل الفكر عن التفكير في الجنس, فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
7-الابتعاد عن الرفاهية بالملابس الناعمة, والروائح الخاصة, التي تفتن فيها من يهمهم إرضاء الغرائز، والتسبب في إثارتها .
8-الابتعاد عن النوم منفردًا في فراش وثير، يذكر باللقاء الجنسي، مما يفتح الباب أمام الأفكار الجنسية .
9-الابتعاد عن الاجتماعات المختلطة، والتي تظهر فيها الفتن، ولا تراعي الحدود .
6- المراجع
2-حكم العادة السرية موقع دار الإفتاء .
إترك تعليق