شرع الله عز وجل النكاح لحفظ الإنسان من الوقوع في الزنا والمحرمات المتعلقة به فقد أمر الله عز وجل بغض البصر وحفظ القلب من الهوى لأن محل هلاك الإنسان قلبه ولسانه فإن حفظهما من الفاحشة نجا والله عز وجل لا يأتي منه إلا الخير وإنما النكاح من مقومات بقاء النوع والإنسانية والطريق المثلى والقيمة للإنجاب ومنعاً وحماية من اختلاط الأنساب وانتشار الأمراض التي تكون سببها الوقوع في الزنا والله أعطانا النكاح في الإسلام كأسلوب حماية ووسيلة لحفظنا وراحة قلوبنا.

1- النكاح في الديانات السماوية

قد يظن البعض أن النكاح في الأديان الأخرى غير جائز ولا يعترف به، ، ولكن أجمع علماء ديننا الحنيف على أن نكاح الأديان الأخرى معترف به وجائز طالما متبعين لدين الله وموحدين به ومؤمنين بجميع الرسل والأنبياء من عند الله دون دخول أي تغيير في كتبهم فهذا نكاح حلال وقائم، ولكن خطوات عقد النكاح في كل دين له عدة شروط وخطوات، وسنهتم من خلال مقالنا توضيح كل ما يتعلق بإتمام عقد الزواج ف الدين الإسلامي..

2- مفهوم النكاح في الإسلام

  • قال تعالي “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” سورة الروم الآية (21)
  • وفي الحديث الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ” متفق عليه.
  • حيث تأمر الآية والحديث بالنكاح وأنه من نعم الله عز وجل علينا و هو تحصين لنا.
  • تعريف النكاح في اللغة: الضم والتداخل والامتزاج والاختلاط.
  • وعند الزجاج: النكاح عند العرب بمعنى الوطء أي الجماع ويطلق النكاح على الوطء والعقد معًا.
  • والمعروف من اللفظ إذا قيل نكح فلان فلانة أي عقد عليها وتزوجها، وإذا قيل نكح الرجل امرأته أي وطأها وجامعها.
  • مفهوم النكاح: في الشرع أي عقد الزواج وهو العقد المعتبر فيه لفظ النكاح بمعنى الزواج حقيقة ومعنى الوطء مجازًا.
  • وهو عقد قائم على الإيجاب والقبول بين الطرفين أي الزوجين متضمنا المشاركة والإرث والنسل بينهما وكامل أركانه وضوابطه الشرعية.

3- أهمية النكاح والحكمة منه

  • النكاح عقد وارد للتحصين والعفة والطهارة وتطبيق للشرع الحنيف ومسمي شرعي للعلاقة بين الرجل والأنثى واحتراما لها وتعظيما لهذا الرباط وهذه المشاركة القويمة فهو من سنن الرسل والأنبياء وهو القانون الإلهي لبقاء النوع وفق أسس سليمة ومبادئ سامية ولهذا خلق عز وجل الذكر والأنثى ليكون هناك تواجد وتمايز في النوع والنسل وقد خلق الله الناس شعوبا فقال عز وجل:
  • يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “سورة الحجرات الآية13.
  • وهذه الذرية والزيجة من سنن الأنبياء المتعارفة منذ الأزل وإتباع سنن الأنبياء من شيم وصفات الصالحين فقد قال عز وجل “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ” سورة الرعد الآية 38
  • الامتثال لأوامر الله عز وجل فقد أمر الله عز وجل بالزواج حفظا لشهواتنا فلا تكون إلا في أمر أحله هو وأمر به وترويح عن النفس والجسد قال عز وجل ” وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا ” سورة النساء الآية ٣.
  • أيضا تنويع النسل وكثرته حتى تكثر وتعظم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتصبح من أعظم الأمم ولا يتحقق الإنجاب والنسل إلا بالنكاح فقد ورد عن أبو أمامه الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ولا تكونوا كرهبانية النصارى ” رواه الألباني.
  • سد شهوات الإنسان وغرائزه فالغريزة الجنسية من أصعب الغرائز وأخطرها لذلك شرع الله النكاح حفظا للمسلمين والإنسانية كطريق صحيح لفض شهواته وإشباعها ولأنه بتحقيق ذلك يصبح الإنسان ذو جسد سليم وصحة.
  • البعض يريد ليكون شخصا قويما ولتحقيق شخصية ذات مسئولية واستقرار والنكاح كفيل بحفظ ذلك.

4- أركان النكاح في الإسلام

أركان الشيء أي عناصره وأعمدته القائم عليه وقد وضع الإسلام نظام وضوابط للنكاح فمن أهم أركانه وأولها:

 العاقدان:

  • والمقصود بهما الزوج والزوجة وهما الطرفين في العقد كلا منهما قائم بذاته ويجب اجتماع وجودهما او من ينوب عنهما فلا يحل وجود طرف دون الطرف الآخر وخلوهما من الموانع الشرعية فالزوج يكون كامل الأهلية والزوجة ليست من المحرمات عليه

العقد:

  • أي صيغة العقد وهي من الأركان التي اجمع عليها الفقهاء فلا ينعقد النكاح دون وجودها وهي الألفاظ التي يشملها العقد من لفظ يدل على إيجاب وقبول بين الطرفين فالأول يصدر من الطرف الأول والثاني من الطرف الثاني ولتحقق الإيجاب والقبول بين الطرفين يشترط وجود اللفظ المعبر عنهما وهذا اللفظ يكون بورود التزويج ومشتقاته والنكاح ومشتقاته والهبة والصدقة والتمليك كله يصلح ولكن بوجود نية النكاح أو الزواج ولكن بعض العلماء يشترط وجود لفظ النكاح أو الزواج في العقد.

الصداق أو المهر:

  • عند الشافعية والحنابلة والمالكية فإن الحنفية لا يعتبرون سوي صيغة العقد ركنا قال تعالى ” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ” سورة النساء الآية ٤
  • فقد أشارت الآية إلى وجوب تقديم المهر للمرأة في الزواج والمعتبر شرعا قل أو كثر ويقدره العلماء وفق عادات كل دولة ومقدار عملتها تفصيلا وجملة.

الشاهدين:

  • وهما رجلان يشهدان العقد ويجري أمامهما ويفهمون لغة العقد ويفهم انه يتوفر فيهما الأهلية الكاملة ولا يجوز أن يكونوا من النساء ويشترط فيهم العدل والاستقامة والخلق.

الولي:

  • اتفق الفقهاء على ركنية العقد فلا ينعقد النكاح إلا بولي للمرأة وتكون درجة قرابته من الدرجة الأولي فلا نكاح إلا بولي.

5- شروط صحة النكاح في الإسلام

 تحديد طرفي النكاح:

  • أي الزوج والزوجة للآثار المترتبة على هذا العقد.

 الرضا بين الطرفين:

  • فلا يجوز الإجبار لأحدهما او كلاهما على النكاح فإذا حصل إجبارًا لأحدهما أو كليهما كان النكاح باطلًا ويكون الرضا باللفظ أو الإشارة.

 الشهود:

  • على عقد النكاح وعلى النتائج المترتبة عليه ويتوفر فيها الإسلام والعقل والبلوغ والعدل والاستقامة.
  • الأهلية للطرفين مع أن يخلوان مما يمنع من النكاح من التحريم.
  • فالنكاح عهدًا وميثاقًا غليظًا من عند الله وجب على الناس تيسيره حفظا للشباب والفتيات من الوقوع في الحرام والله سبحانه وتعالي أمر به رحمة بنا ولنا وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها.

بقلم : رحاب خالد