المحتويات
قصة مقولة ومن الحب ما قتل
من أين جائت مقولة “ ومن الحب ما قتل ” ؟ وكيف ظلت باقيةً حتى وقتنا الحالي؟ بل ويتم تكراراها بشكلٍ مستمر على صور مختلفة، باختلاف الأشخاص، والأحداث.
ترجع القصة الشهيرة لأحداث يوم في زمن لشاعرٍ معروف يُدعى الأصمعي، وجد صخرةً في طريقه، مكتوبًا عليها:
أيا معشر العشاق بالله خبروا .. إذا حل عشقٌ بالفتى .. كيف يصنع؟
فكتب الأصمعي على الصخرة ذاتها:
يداري هواه، ثم يكتم سره .. ويخشع في كل الأمور، ويخضع
وبعدها سار في طريقه، ففوجئ باليوم التالي، أثناء مروره من نفس الطريق، أن نفس الصخرة مكتوبًا عليها:
وكيف يداري؟ والهوى قاتل الفتى! .. وفي كل يومٍ قلبه يتقطع
ليرد الاصعمى بكتابته:
إذا لم يجد الفتى صبرًا لكتمان أمره .. فليس له شيءٌ سوى الموت ينفع
ثم يمر الأصمعي باليوم التالي، ليجد الشاب مُمددا على الأرض، منتحرًا بعد أن كتب له ..
سمعنا، أطعنا، ثم متنا، فبلغوا .. سلامي إلى من كان للوصل يمنع
هنيئًا لأرباب النعيم نعيمهم .. وللعاشق المسكين ما يتجرع
ومن هُنا جاءت مقولة ( ومن الحب ما قتل ) بعدما تسبب ألم الفراق في قتل شابٍّ عاشقٍ.
قصص أدت لوفاة عشاقها
بدأت قصص الحب والعشاق منذ بداية الخليقة، وما زالت مستمرة حتى الآن، ولن تجد أكثر تأثيرًا من الحكايات الشهيرة:
قصة الملكة فكتوريا والأمير ألبرت
تلك القصة هي الأخرى حملت قتلى، فكانت قصة حب الملكة فكتوريا والأمير ألبرت، قصة ناجحة توجت بزواجهما، وكانت تهنأ بحياةٍ مثالية هادئة، فيساعد الأمير ألبرت الملكة فيكتوريا بجميع أمور الحكم، وأنجبوا تسعة أبناء.
حتى جاءت لحظة موت الأمير، فحزنت الملكة حزنًا جمًّا، وأصيبت باكتئابٍ شديد، ونوباتٍ متكررة من الإحباط، فلم تظهر للعامة فترة ثلاث سنوات، وظلت حزينةً تقيم الحداد على زوجها مدة أربعين عامًا، حتى توفيت هي الأخرى.
كليوباترا ومارك أنطونيو
قصة حب أغضبت الرومان، وتحدث عنها التاريخ مرارًا وتكرارًا، أول أسباب رفضها كانت لعدم تقوية الحكم في مصر أكثر، فكان أنطونيو قائد الرومان.
ورغم كل الرفض، والتهديدات، تم زواجهما بنجاح، بعد قصة حب شهدها الجميع، وانتهت بعد تلقي أنطونيو خبرًا كاذبًا عن انتحار كليوباترا أثناء خوضه الحرب، فانتحر هو الآخر بسيفه، وحين عرفت كليوباترا بالخبر انتحرت بالسم، من قسوة وقوع الخبر عليها.
ولم تكن القصص الغريبة منذ زمن بعيد فقط ، فما أكثر قصص المحبين التي تنتهي نهايات غير محمودة، وآخرهم قصة فتاةٍ وشاب، أثارت الغيرة انتقام الشاب، ففقد أعصابه، واختلس سلاحًا..
ومن ثمَّ صوب تجاهها أربع طلقات بيوم السبت، من خلف الفتاة لبنى، فأصابها في قدمها، وظهرها، ثم صوب الرصاص على رأسه، وسقط قتيلًا لتنتهي حياته، وتنجو هي من الموت بأعجوبة.
هل الانتحار حل للتخلص من ألم الفراق؟
ليس معنى أن بعض القصص تنتهي بانتحار أصحابها، أن يكون ذلك مبررًا لكل من يشعر بآلام الفراق، أو فشل أي علاقة، لأنها لا تبدو إلا علاقات كان أصحابها من ضعاف النفوس، إنهاء الحياة لم يكن هو الحل الأمثل دائمًا، بل لديك ألف اختيار، تستطيع من خلالهم البداية في حياةٍ جديدة.
حكم الإسلام عن الانتحار
بحسب دار الإفتاء المصرية، فإن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ، وإجماع المسلمين، قال الله – تعالى -: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
وعن ثابت بن الضحاك – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفقٌ عليه.
ولكن، صحيح أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّي عليه، ويغسَّل، ويكفَّن، ويدفن في مقابر المسلمين.
كيف تهيئ ذاتك بعد الخروج من العلاقات؟
توصلت بعض الدراسات الحديثة إلى عدة استراتيجيات، تعمل على إعادة توازن الذات، وتهيئة النفس، أولهم أن تترك ذاتك للوقت، وهو بمفرده قادرٌ على تهيئة اتزانك من جديد، وبحسب دراسة أمريكية بجامعة ميسوري، بولاية سانت لويس، تتحدث بأن عادةً الأشخاص يميلون إلى التفكير في العلاقات السابقة بشكلٍ سلبي، مع تذكر كل عيوب الشريك، ومساوئ تصرفاته السابقة.
وبالفعل تلك الطريقة تنجح في إحساسك بالطرق الأخرى، وإلى حدٍّ ما تشعر بالتحسن من آلام الانفصال، في أغلب الأحيان، ولكن فضلًا عن نجاحها للمدى القصير، إلا أنها تشعرك أنت ذاتك بمشاعر سلبية؛ بسبب تذكر كل هذه المواقف المؤلمة، لذلك من الأفضل ألا تدخل في هذه الدائرة، إلا إذا كنت قادرًا على إخراج ذاتك منها.
أما الطريقة الثانية، فترتبط أكثر بالوضوح مع ذاتك، بمعنى أن تعمل على إعادة تقييم مشاعرك بشكلٍ متوازن، دون التظاهر بعدم المبالاة، من الأفضل أن تشعر بروح التقبل لما حدث، وأنها مجرد أسباب بالحياة، وليس من المفترض أن يكون الطرف الآخر أسوأ شخصٍ بالكون، هو فقط عدم توافق، لتأتيك فرصة أفضل، تشعرك بجمال الحياة.
لا مانع من الصراحة مع نفسك، وأنت تعلم أن هناك ما تبقى من مشاعر في قلبك تجاه هذا الشخص، وستختفي مع مرور الوقت، وأن تتقبل أن من الطبيعي شعورك بالحزن بعض الوقت، حتى تعتاد على حياتك الجديدة.
وقد تعتبر الطريقة الأفضل دائمًا، والتي تنجح على المدى البعيد، والقصير، هي سياسة الإلهاء، وهي ببساطة أن تشغل ذاتك، ولا تترك فرصة واحدة للتفكير فيما مضى، تمارس هوايات جديدة، وتكون صداقات جديدة، أشخاص جدد، كتب حديثة، رياضة مختلفة، كل هذه الخطوات ستخطو معك لبر الأمان من هذه العلاقات السابقة، التي تضر بمشاعرك.
خطورة جَلد الذات
تبعًا لدراسة نفسية، بجامعة ” ستانفورد ” الأمريكية، أن التأمل بالعلاقات السابقة قد يكون ضارًا، حتى إذا كانت تساعد على فهم الأحداث السابقة للتعلم في القادم، إلا أن جميع الأشخاص ليسوا على نفس القدر من القوة، فقد تؤثر على البعض سلبًا، لتنتهي بهم العلاقة لطريقة أصعب.
لأنه في أغلب الأحيان، قد يشعر بعض الأشخاص بعدم الثقة في الذات، مع التشكيك في قيمتهم الإنسانية، فتبدأ التساؤلات عن: ماذا بنا من عيوب جعلهم يتصرفون هكذا؟ ماذا فعلنا من أخطاء أدت بنا إلى هنا؟ ألم نكن مرغوبين بالشكل الكافي؟ أم كنا غير كافين بالأساس؟!
لتنتهي بمشاعر رفضهم لأنفسهم، ومن ثم التطرق للزيادة في جلد الذات، وقد يصل البعض لتحميل أنفسهم فشل العلاقة بأكملها، وإلقاء اللوم على أنفسهم، وهذه النوعية تحديدًا تحتاج إلى فترات أطول للتعافي، وعلى الجانب الآخر ينجح سريعًا من يتفهمون أنها كانت شيئًا لا بد منه، بسبب عدم التوافق.
ما الأعراض التي يعاني منها الشخص الذي تعرض لصدمة بالحب؟
أول الأعراض تبدأ بالحزن، وعدم الثقة بالنفس، القلق الشديد، التوتر أغلب الوقت، عدم النوم بشكلٍ متوازن، وقد تصل الأمور لنوبات اكتئاب متفاوتة، بسبب عدم الأمان، أو فقدان ما اعتادوا عليه لفتراتٍ طويلة، نوبات صمتٍ طويلة، وعكسها فترات حديث مُكررة، مع تضارب في السلوك، من حزنٍ شديد، ثم محاولات سعادة مفرطة، غير مبررة، ومن ثم حزن، وهكذا.
كيفية التعافي من اللآلام
- إذا وصل لأمر لنوبات الاكتئاب، ودرجاتٍ عالية من الاضطرابات النفسية، فمن الطبيعي أن يكون الحل الأول اللجوء لطبيب، ولكن في حالة كان الشخص لديه القدرة الأكبر على تحمل الأمر، فيمكن أن يقرأ تلك الخطوات:
- لا تخجل من مشاعرك، أنت شخصٌ لم تتوافق مع سلوكيات شخص آخر، وليس من الضروري أن يتحمل شخصٌ سبب فشل العلاقة.
- البكاء، والحزن، لا ينقصون شيئًا من مكانتك، هم بالأساس وجدوا من أجل تفريغ الشحنات النفسية، فلا تستنكر حدوثهما، ولكن أيضًا لا تبالغ.
- المخزون السلبي ينعكس على تصرفاتك دائمًا.
- ابحث عن صديقٍ صبور، يحبك بصدق، لتحكي ما بداخلك من تناقضاتٍ له؛ حتى تهدأ تماماً، وتتخلص من كل ما بداخلك من شحناتٍ سيئة.
- أحياناً يلجأ البعض إلى كتابة مشاعرهم، في عدم وجود ما يمكن أن تقص له قصصك؛ لذا اكتب دائمًا كل ما بداخلك من تناقضات.
- حاول دائمًا أن تغير من عاداتك إذا استطعت، بمعنى أن تفاصيل حياتك اعتادت على شريك لها، وبمجرد تغييرها لن تحتاج أبدًا إلا شريك؛ لأنك بدأتها بمفردك، فلن تحدث نفس الفجوة التي تقابلك يوميًا، حين تصل لمكان كنتما تتقابلان بداخله، أو عندما ترتدي شيئًا كان يلفت انتباهه، فلن تتذكره تمامًا عندما تيير من سلوك يومك، ومواعيد استيقاظك، ونومك، وكذلك بعضًا من طريقة ملابسك، وشعرك، وغيرهم.
- تعلم شيئًا جديدًا لم تبدأ به أبدًا مسبقًا؛ لأن الجديد دائمًا يجذبك، فتذهب معه متجاهلًا الماضي.
- املأ يومك بالشخصيات الجديدة، التي تبعد كل البعد عن دوائرك السابقة.
- اكتب يوميًا الأشياء التي أنجزتها، وأجمل ما سمعت في يومك، وما تحب أن تسمع.
- كي تتجاوز شعورك بالضعف، ساعد من حولك دائمًا، فستشعر بعدها بقدرٍ كبير من أهميتك، وقدرٍ أكبر من ثقتك بذاتك، بدلًا أن تعيش في دائرة من الحب ما قتل.
المصادر
دار الإفتاء المصرية .. حكم المنتحر
الكاتب: رنا شوقي.
إترك تعليق