العزوبية في الإسلام لها أحكام لذا أمر الله  عباده الزواج وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتيسيره خشية الوقوع في  المعاصي

إن  الإسلام لا يقر بالعزوبية مادام لا يوجد مانع ضروري للزواج فالزواج واجب على كل مسلم بالغ عاقل لديه إمكانيات مادية ويستطيع الزواج فإن امتنع فقد ارتكب  حرامًا وكان عاصيا لله ممتنعا لأوامره مخالفًا لسنة الأنبياء وخاتم الرسل عليهم السلام جميعًا.

1- مفهوم العزوبية

 كلمة عازب في اللغة:

  • الغير متزوج ومنها عزوبة أي حالة من الوحدة والامتناع عن الزواج.
  • وقد تطلق العزوبية على شخص مطلق أو أرمل فلا تقتصر على من لم يسبق له الزواج.
  • والعزوبية أن يكون شخص بالغ عاقل  لديه الإمكانيات والقدرة على الزواج ومع ذلك يمتنع عن الزواج باختياره وكامل عقليته.

2- العزوبية والرهبانية

  • قد نجد أن العزوبية مرادفة للرهبانية في الديانة المسيحية إلا ان العزوبية في الإسلام لا علاقة لها بالدين او التدين أما الرهبانية فهي ذات طابع ديني فيظن الراهب أنه بذلك يتقرب إلى الله ويتخلى عن متاع الدنيا وزينتها زاهدا غير راغب في الحياة.
  • وفي الأساس لم ينزل الله تعالى على المسيحية ما يقرب للرهبانية او ماله علاقة بها ولكن المسيحيين غالوا في دينهم وأفرطوا في ذلك وتشددوا فمنع البعض نفسه من الزواج وفضل البقاء عازبا ظنا منه أنه ذلك تقربا لله وتفرغا للعبادة وعدم الانصياع وراء شهوات ولو استطاعوا الامتناع عن الطعام امتنعوا ولكن لم يقرها الله عليهم إلا بعد أن أقروها على أنفسهم وكانوا هم من ظلموا أنفسهم فإن الله لا يظلم أحدا  .
  • فلما طبقوها وسنوها دون أمر الله بها عاقبهم الله بتطبيقها عليهم فلم تكن موجودة من قبل نزول التوراة وهذا ما وضحته الآية الكريمة.
  • قال تعالى ” ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فأتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون ” سورة الحديد الآية ٧٢.

3- سلبيات العزوبية:

للعزوبية سلبيات نفسية واجتماعية وصحية فمن آثارها النفسية على الشخص انها:

  • تتسبب له بالشعور الدائم بمرض الوحدة والذي قد يزداد بمرور الوقت ويسبب أمراضا نفسية مثل انفصام الشخصية وذلك لتعدي مشكلة الوحدة لديه.
  • الشعور باليأس ويكون هذا الشعور لدى العازب لعدم قدرته على الزواج لكونه وحيدا.
  • الشعور بالحقد والغيرة من الآخرين والذين استطاعوا أن يؤسسوا حياة مشتركة ناجحة وسعيدة و يلازمه الشعور بالحزن لأنه مختلف.
  • هذا بالإضافة إلى المشكلات الصحية فقد أشارت دراسات علمية حديثة توضح أن الشخص الأعزب أكثر تعرضا للأمراض من الشخص المتزوج وأن الأشخاص المتزوجين الذين أصيبوا بالأمراض أقل نسبة من العزاب فالعزوبية أكثر خطورة من إدمان التدخين.
  • كما أن عدم الزواج يسبب الكثير من المشكلات الجلدية بسبب انخفاض أو ارتفاع في إفراز بعض الهرمونات .

4- العزوبية في الإسلام وحكمها

  • لا يعترف الإسلام بالعزوبية فهي تشبه بالنصارى فدين الإسلام دين يسر ودين متزن ودين يؤمن لك حياة راضية وسعيدة بعيدا عن الغلو والإفراط وإنما الزواج في الإسلام عبادة وفرض.
  • فقد حض الإسلام وحث على الزواج ونهى عن العزوبية والرهبانية ومن الأدلة على ذلك ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها  ثم قالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم فقد غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر فقال احدهم فإني أصلي الليل أبدا وقال الآخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج النساء أبدا ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ” صحيح مسلم والبخاري
  • وهذا دليل على عدم رضا رسول الله عن الامتناع عن الزواج ولنا في رسول الله أسوة حسنة.
  • ولم يكن الزواج والامتناع عن العزوبية من السنة فقط بل قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ” سورة المائدة الآية ٧٨.
  • ونهى عز وجل عن اتباعهم في رهبانيتهم فقال “قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولاتتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل ” سورة المائدة الآية ٧٧.
  • ففي أحكام الزواج نجد وجوبه على من كانت لديه القدرة المادية والمعنوية والاستطاعة وجوبًا ملزمًا له لما فيه من صيانة النفس وعفافها والمحافظة على طهارتها.

5- أسباب العزوبية

تتعدد أسباب العزوبية فمنها:

  • مظهر من مظاهر التدين والزهد وهذا مخالف للدين الإسلامي لما تقدم من أدله في القرآن والسنة بل إن الزواج عبادة أمرنا بها.
  • أن يكون الامتناع عن الزواج بسبب بعض الأمراض جسدية  كانت أو نفسية فيخشى أن يلحق الأذى بشريكه ففي هذه الحال لا يقع عليه ذنبا إلا إن رفض العلاج والتداوي لزوال العرض.
  • يمنع من الزواج من لم يكن له فيه غرض أو مصلحة كانعدام الرغبة الجنسية لديه وهو يعذر في الشرع ولا يؤاخذ فإن كان له علاج تداوي وإلا فلا زواج عليه.
  • أن يكون المانع من الزواج هو العامل المادي لعدم استطاعته فعليه بالصوم ليستعصم عن الحرام كما أوصى النبي ولا يؤاخذ ولكن الله يسر فعلى من يملك مساعدته فإن له ثوابًا عظيمًا.
  • أما إن كان سبب امتناعه لثقافته المسيطرة على عقله ودون ضرورة تستحق كالرغبة في الحرية وعدم تحمل المسئولية فإن عليه ذنبا ولا يغفر له كونه معرضا عن أوامر الله وسنة رسوله والأنبياء أجمعين.
  • وأخيراً من كان يجد في الزواج مشقة وفي العزوبية حرية ويسر فذلك إنما زينه الشيطان لكم ولكن يجب يا معشر المسلمين أن تتحروا دينكم وإيمانكم وتوكلوا على الله نعم الوكيل.

6- المصادر:

بقلم : رحاب خالد