1- العزوبية : 

يعرف الشخص الأعزب بأنه الشخص الذي لم يسبق له الزواج من قبل. ويقضي أغلب الناس الجزء الأكبر من عمرهم وهم عزاب مقارنة مع المدة التي يقضيها الناس وهو متزوجون.

وبما أن العزوبية من الأشياء التي أثبتت بعض الدراسات أنها تدفع إلى نمط حياة كئيب، ولذلك هي ليست من أمر الإسلام شيء كما يقول الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فوضع لها الإسلام ضوابط تسمى بـ آداب العزوبية يجب أن يحرص عليها كل إنسان يبحث عن العفة والطهارة وتقوى الله، وحتى ينتشل حياته أو يحافظ عليها من الوقوع في أي معصية، ولكن قبل أن نتعرف على آداب العزوبية يجب أن نفهم أسباب العزوبية وانتشارها في عصرنا الحالي.

2- أسباب العزوبية :

  •  مفاهيم الحرية الخاطئة

بسبب الإنفتاح الذي أصبحنا نعيش فيه من إنترنت وفضائيات، مع انتشار الكثير من الأفكار المغلوطة حول العزوبية، أصبح الشباب يربطون العزوبية براحة البال، ويرددون دائماً نغمة لماذا أتزوج الآن؟ مازلت صغيراً، لا أريد أن يقيدني أحد، أريد أن أكون حراً ومرتاح البال، وللأسف هناك شريحة كبيرة من الشباب مقتنعة بهذه الأفكار بل وتروج لها.

  •  الجبن والخوف من المسؤولية

هناك الكثير من الشباب اليوم لديه هواجس حول كيفية تحمل مسئولية زوجة وتربية أبناء، لأسباب كثيرة لعل أبرزها لو نشأ في أسرة غير مستقرة بها مشاكل وخلافات بين الأب والأم، أو من القصص التي يسمع عنها من أصدقائه عن مشاكل الزواج فيؤثر كل ذلك عن نفسيته فيتراجع دائماً عن الإرتباط خوفاً من تكوين أسرة وبالتالي يهرب من تحمل المسؤولية.

  •  سوء الأوضاع المادية والإجتماعية

أنها واحدة من أكبر الأسباب التي يعاني منها الشباب حالياً في الوطن العربي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المعيشة، وارتفاع أعداد البطالة، حيث أصبح إيجاد فرصة عمل جيدة مهمة صعبة خصوصاً في البلاد العربية التي تعاني أزمات سياسية وعدم استقرار إقتصادي، بالإضافة إلى تكاليف الجواز الباهظة التي يُصر عليها الأهل، والتي لم تعد تتناسب مع دخل أغلب الشباب حالياً.

  •  عدم وجود العثور على فتاة الأحلام أو فارس الأحلام

لعل هذه واحدة  من أهم الأسباب التي تأخر زواج أغلب شباب في العالم العربي، البحث الدائم عن صفات تصل في بعض الأحيان إلى المثالية المطلقة الغير موجودة في أي بشر، ويرفض الشاب أو الفتاة التنازل عن أي صفة ويظل يتمسك بالصورة التي رسمها في خياله حتى يفوته القطار ويتقدم به العمر.

هناك الكثير من الإحصاءات التي تشير إلى أن معدل سن زواج الشاب والفتاة هو 30 عاماً مع زيادة معدلات العنوسة في أغلب الدول العربية بنسبة تفوق الـ 40٪ .

3- آداب العزوبية 

وضع الإسلام قواعد و آداب العزوبية ونص على الإلتزام بها ومن أهما :

  • عدم النظرة المحرمة:

أن عدم النظرة المحرمة من أهم آداب العزوبية التي يجب أن يبتعد عنها كل إنسان لما فيها من شرور وآثام، وذلك لما يترتب على تلك النظرات المحرمة من فتنة للقلب، وتشجع على إرتكاب الفاحشة التي نهى الله عنها، وإذ لم ترتكب الفاحشة وتصل إلى مبتغاك فإن قلبك سيمتلئ بالغم والحسرة، مما يؤثر على نفسيتك، وبالتالي على عقلك وجسدك، ونهانا الرسول صلى الله عليه وسلم من النظر نحو المرأة بشهوة حيث قال : “النظرة سهم مسموم من سهام إبليس وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة” رواه الحاكم والطبراني.

 ويعد غض البصر من أهم العوامل التي تحمي الإنسان من الوقوع في الزنا، وهي أساس القلب السليم، فهي تجنب الفتنة وتحمي من الوقوع في الرذيلة.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: 

“ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا وأحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه” رواه أبو أمامة الباهلي.

 وقال أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم:”كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله” رواه الطبراني.

  •  عدم مشاهدة المواد الإباحية 

أنها أكبر خطر على كل من نريد أن يتمسك بـ آداب العزوبية فهي تدمر العفة، وتضعف طمأنينة القلب، فالمناظر الجنسية التي يشاهدها الشباب من خلال الإنترنت والفضائيات والكتب والمجلات والسينما وغيرها هي التي تدمر حياة الإنسان، وتصيبه بالاكتئاب، ثم تميت قلبه وحيائه، وبالتالي يخسر ويضيع في الدنيا والآخرة.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:”لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة” رواه أبو داوود والترمذي.

  •  عدم الإستماع إلى الغناء والموسيقى

 نهى الله سبحانه وتعالى عن الغناء والموسيقى، حيث أن من أضرارهما أنهما يدفعان بالإنسان إلى الإنشغال عن ذكر الله، وتدعوا إلى إرتكاب الفاحشة لما تفعله من تحريك الشهوة داخل الإنسان، لقوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ” لقمان آية (٦)

  •  عدم الإختلاء بالمرأة الأجنبية

الإختلاء بالمرأة الأجنبية التي ليست من محارمه من الأشياء التي نهى الله عنها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينها وبينه محرم” رواه الطبراني.

  •  استغلال وقت الفراغ في فعل الخيرات

 من المهم أن يملأ الإنسان وقت فراغه بكل ما هو مفيد وصالح له في الدنيا والآخرة مثل: ممارسة الرياضة والقراءة، وتعلم مهارات جديدة والمشاركة في أفعال الخير ومساعدة المحتاجين، ويحاول قدر الإمكان إلا يترك نفسه للهوى والأفكار السيئة التي تدعو إلى فعل المعاصي والذنوب.

قال الله تعالى “ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه” الأحزاب آية (4).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبغض الصحيح الفارغ، لا في شغل الدنيا ولا في شغل الآخرة” رواه الطبراني.

4- كيفية المحافظة على آداب العزوبية :

هناك عوامل تساعد على المحافظة على قواعد و آداب العزوبية وتعمل على تنميتها بالشكل الصحيح :

كما أن هناك عوامل تضعف العفة وتدمرها، هناك أيضاً عوامل تقويها من أهم هذه العوامل والتي تعد مكملة لـ آداب العزوبية :

  • الإيمان بالله واليوم الآخر

من يؤمن بالله واليوم الآخر عليه حقوق وواجبات يجب أن يؤديها، وهي أن يفعل ما أمره الله به، ويترك ما نهى عنه، وقال الله تعالى:” ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين” آل عمران آية (١١٣)

  • الحياء

الحياء من الصفات الإسلامية المرتبطة بالإيمان، كما أنها تبعد الإنسان عن إرتكاب أي أثم خوفاً من الله، وكما روي عن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت” رواه البخاري.

  • الغيرة

وهي من الصفات التي يجب أن يتحلى به كل رجل، بشرط أن تكون الغيرة بحدود ولا تزيد عن حدها فتكون كالمرض يدمر به نفسه وكل من حوله.

  • الصيام

الصيام يساعد الإنسان على المحافظة على آداب العزوبية مما يترتب عليه في تنمية العفة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يا معشر الشباب عليكم بالباه فإن لم تستطيعوا فعليكم بالصيام فإنه وجاؤه.” متفق عليه.

  • الإستعانة بالله عز وجل

 مما لاشك فيه أن الإستعانة والتوكل على الله في كل أمور الدنيا والدين، ومنها طلب بأن يرزقك الله العفة، والطهارة. قال الله تعالى:” إياك نعبد وإياك نستعين” سورة الفاتحة آية (٥)

في النهاية؛ يجب على شاب لم يوفقه الله في الزواج أن يلتزم بـ آداب العزوبية ويتقي الله في كل أفعاله، حتى يكرمه الله ويرزقه بالزوجة والذرية الصالحة.

5- المصادر

بقلم : إبراهيم المحلاوي