1- احترام الزوجين داخل المنزل

الاحترام والتقدير بين الزوجين من الأمور المهمة، التي تُقوي العلاقة الزوجية، والتي تُعد من أسمى العلاقات الإنسانية، فالاحترام والتقدير بين الزوجين هما الأساس لحياةٍ زوجية سليمة، فالمنزل هو المكان الذى يلتقي فيه الزوجان معًا، سواء منفردين، أو مع أبنائهم، لذلك فمن الضروري أن يحترم كل من الزوجين الآخر، حتى وإن لم يراهم أحد، حتى لا يكون هذا الاحترام مجرد تمثيل، وقناع مزيف أمام أعين الآخرين.

 

فيجب على الزوج احترام زوجته، واحترام رأيها، وقراراتها، التي تتخذها داخل المنزل، وبالأخص فيما يتعلق بالأبناء، لأن في عدم احترام الزوج لرأي زوجته، وقراراتها التي تتخذها، بخصوص شئون البيت، والأبناء اهتزاز لصورتها أمام أبنائها، فكيف يكون مطلوب منهم احترامها؟ وتنفيذ أوامرها؟ وزوجها الذي هو قدوةٌ لهم، يضرب برأيها، و بقراراتها عرض الحائط.

 

وكذلك الزوجة يجب عليها احترام قرارات زوجها، الخاصة بشئون المنزل، وحياة الأبناء، لأن ذلك يزيد من احترام، وتقدير الأبناء له، كما يجب على الزوج أن يتعاون مع زوجته في تحمل مسئولية المنزل، والأبناء، ولا يترك كل المسؤوليات على عاتقها، حتى لا تشعر بالظلم والقهر، الذى يؤثر بالسلب على شخصيتها، وحياتها الأسرية.

 

2- تبادل الاحترام بين الزوجين

 

التعاون والاحترام وجهان لعملة واحدة، فلا يعقل أن تقدر الزوجة زوجها، وتحترمه، وهى تشعر بالقهر الناتج من عدم احترام زوجها لها، وعدم تعاون زوجها معها في إدارة المنزل، وتحمل مسئولية الأبناء، ولا يعني وجوب الاحترام بين الزوجين حتى داخل المنزل، أن تكون العلاقة بينهما رسمية، وجافة، وخالية من المداعبة، والضحك، بل على العكس تمامًا، فإن احترام الزوجة لزوجها في شتى الأمور، وطاعتها له، وتقديرها لجهوده، تدفع الزوج إلى حسن معاملة زوجته، مما ينتج عن ذلك خلق جوٍّ أسريّ هادئ، مليء بالمرح، والضحك.

 

فلا ينبغي على الزوجة أن تعاند مع زوجها، حتى لو اختلفت معه في الرأي في بعض الأمور، لأن هذا العناد لا ينتج عنه سوى تضخم حجم المشكلة، بل يجب عليها معاملته باللين، والتحدث معه بهدوء، حتى تستطيع أن تقنعه برأيها، فإن الحوار الهادئ يؤدى إلى أفضل النتائج في معظم الحالات، أما العند، والانفعال، والصوت المرتفع، لا ينتج عنه سوى المشاكل، والخلافات، التي قد تدمر العلاقة بين الزوجين، ومن الأفضل أن يؤجل الطرفين النقاش في موضوع الخلاف، حتى تهدأ النفوس؛ منعًا لحدوث خلاف بين الطرفين.

 

واحترام الزوجة لزوجها لا يعني أبدًا الانسياق الكامل للزوجة وراء آراء زوجها، أو إلغاء شخصيتها، بل بالعكس، لا بد أن يكون للزوجة رأيها، وشخصيتها المستقلة، دون أن يتعارض ذلك مع احترامها لزوجها.

 

3- الاحترام بين الزوجين في الأماكن العامة

 

من الأمور الخطيرة، التي يجب على الطرفين وضعها في عين الاعتبار، تبادل الاحترام بين الزوجين في الأماكن العامة، فلا يجب أن ينشب أي خلاف بين الزوجين في الأماكن العامة، سواء كانا في مطعمٍ، أو حديقة عامة، أو حفلة من الحفلات، أو حتى في منزل أحد أقاربهم، فيجب على الزوجين استعمال الصوت المنخفض في التعامل، كما لا يجوز لأحدٍ منهما أن يتناقش مع الآخر بصوت مرتفع أمام الناس، لأن ذلك يقلل من شأن الطرفين، ويزيد من حدة الخلاف بينهما.

 

يجب على الزوجة إظهار تقديرها، واحترامها لزوجها، وعدم التقليل منه أمام الناس، وكذلك الزوج يجب عليه مراعاة زوجته، واحترامها أمام الجميع، فهذا الأمر لا يقلل من رجولته أبدًا كما يعتقد البعض، بل على العكس، يُزيد من احترام الجميع له.

 

4- العلاقة الزوجية في الإسلام

 

العلاقة الزوجية من أسمى العلاقات التي حثنا عليها ديننا الإسلامي، لما ينتج عن هذه العلاقة من إنجاب أبناء، وتكوين أسرة، تعتبر العلاقة الزوجية هي النواة التي يتكون منها المجتمع، فإذا صلحت الأسرة، صلح المجتمع كله، وأساس صلاح الأسرة هو الاحترام المتبادل  بين الزوجين، فيجب على الزوجة احترام زوجها، حتى لا تهتز صورته أمام أبنائه، وكذلك الزوج يجب عليه احترام زوجته، ومعاملتها معاملة حسنة أمام الجميع، فقد قال الله – تعالى – في كتابة الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ صدق الله العظيم – الآية 21 من سورة الروم.

 

فالمودةُ، والرحمةُ هي المعنى الحقيقي للاحترام المتبادل بين الزوجين، فقد أمرنا الله – تعالى – أن تقوم العلاقة بين الزوجين على الاحترام المتبادل، الذي يؤثر بشكل إيجابي على نفسية الأبناء، فيجعلهم يحترمون آباءهم، وأمهاتهم، وبالتالي تنشأ الأسرة نشأةً سوية، ويستطيعون نفع أنفسهم، ومجتمعهم.

 

5- معايير الاحترام بين الزوجين في الدين الإسلامي

 

لقد وضع الدين الاسلامي معايير، وضوابط، لكافة العلاقات الإنسانية، ولا سيما العلاقة بين الزوجين، التي اعتبرها من أسمى العلاقات الإنسانية، وهناك الكثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، التي تبين ذلك، فقال – تعالى – : بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ صدق الله العظيم – الآية 19 من سورة النساء.

 

فقد أمر الله – تعالى – الرجال بحسن معاشرة زوجاتهم، كما أمرهم بالإنفاق عليهن، ومعاملتهن معاملةً حسنة، دون تقبيحٍ، أو ضرب، كما أوصى الرسول – عليه الصلاة والسلام – الرجال بالرفق، واللين، في معاملة النساء، فقد ذكر عن نبينا الكريم أنه كان يتعامل مع زوجاته بالرِّفْق واللين؛ فلم يُقَبِّح، ولم يَضْرب امرأةً قَطُّ، وقد أوصى الرسول الكريم الرجال بالنساء.

 

مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ، وَالْيَومِ الآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بخَيْرٍ، أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا.

الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم.

 

 

وكما أمر الدين الإسلامي الرجل باحترام الزوجة، وحسن معاملتها، أمر أيضًا المرأة باحترام زوجها، وحسن معاملته، وصيانة حقوقه، في حضوره، وفى غيابه، فقال – تعالى – بسم الله الرحمن الرحيم  ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ صدق الله العظيم – الآية 34 من سورة النساء.

 

وقد فرض الإسلام على الرجال طرقًا معينةً لعقاب زوجاتهم، في حالة نشوزهن، فقال – تعالى – : ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ الآية 34 من سورة النساء.

 

فعلى الزوجة أن تحفظ غيبة زوجها، في عرضه، وبيته، وماله، وأبنائه، وعلى المرأة طاعة زوجها في شتى الأمور، إلا في معصية الله، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها، ولا تُؤَدِّي المرأةُ حقَّ زَوْجِها؛ حَتَّى لَوْ سألَها نَفْسَها على قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ ) صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الراوي: زيد بن أرقم، المحدث: الألباني.

 

وقال أيضًا: ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ ) الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، ويتضح من هذه الأحاديث الشريفة أن على المرأة إرضاء زوجها، فإذا عصت زوجها لَعَنَتْها الملائكةُ، مما يدل على ضرورة طاعة الزوجة لزوجها، واحترامها له.

 

وأمر الدين الإسلامي أيضًا المرأة بضرورة استقبال زوجها، بالترحاب، والابتسامة، التي تهون عليه تعب، ومشقة العمل، فقد

قال – صلى الله عليه وسلم – :  ” ما استفادَ المؤمنُ بعدَ تقوَى اللَّهِ خيرًا لهُ من زوجَةٍ صالِحَةٍ، إن أمرَها أطاعتهُ، وإن نظرَ إليها سرَّتهُ، وإن أقسمَ عليها أبرَّتهُ، وإن غابَ عنها نصَحتهُ في نفسِها ومالِهِ “.

 

كما أن للمرأة دورًا كبيرًا في نجاح العلاقة الزوجية، وفي غرس بذور الاحترام بينها، وبين زوجها، فيجب عليها أن تصبر عليه وقت الانفعال، والغضب، ولا ترفع صوتها عليه حتى يهدأ، كما يجب عليها أن تخلق بينها وبينه حوارًا هادئًا لحل المشاكل، دون عنف، حتى تحافظ على الاحترام المتبادل بينهما.

 

المصادر:

1- إسلام ويب

2- حديث

3- القرآن الكريم

 

بقلم/ مي صالح