يظن الكثير من الناس، أن تربية الأولاد هي الأكثر صعوبةً، من تربية البنات؛ لأن تواجد البنت في المنزل أكثر، وبالتالي لا تحتاج الكثير من المراقبة، والتعليم، والنصح، وذلك خطأٌ جسيمٌ، تعاني منه الأسر فيما بعد، والأصح أن تربية البنت، أو الفتاة، هي المسئولية الأكبر على عاتق والديها؛ لأن هذه البنت هي الأم لاحقًا، فيجب تهيئة هذه الأم، وصناعتها كما ينبغي؛ لأن إهمالها يؤدي إلى إهمال أجيال متلاحقة، ومن هنا تأتي أهمية تساؤل: “كيف أربي ابنتي ؟ “.

1- النشأة السليمة للبنات في الإسلام .. كيف أربي ابنتي؟

  • البنات هن الكائنات الأكثر رقة، وحساسية، ومسؤولية في نفس الوقت، وهن الحنونات، ولا سيما أن البنت دائمًا ما نجدها تتمتع بعاطفةٍ متناهية، للأب، والأم.
  • فهي الأكثر اهتمامًا بهم، وتحمل مسؤولياتهم، لذلك الاهتمام بها يصبح فيما بعد اهتمامًا منها، ناحية الوالدين، والالتفات لها، ومطالبها مسئولية على الوالدين، لا يجوز إهمالها.
  • حيث إن الفتاة التي تربيها على شريعة الإسلام، والدين، وكتاب الله، وسنته، ستكون أمًا يومًا ما، ولذلك أنت تزرع نبتةً صالحةً، لك، ولزوجها، وأولادها فيما بعد.

2- فضل تربية البنات في الإسلام

  • لم تكن البنات بتلك القيمة في الجاهلية، فقد كان الذي ينجب البنت، كأنه يحمل عارًا – والعياذ بالله – فإذا أراد أن ينتهي من هذا العار، قام بدفنها، وكانت تلك العادة تسمى وأد البنات، وهي من عادات الجاهلية، التي كانت منتشرةً بصفةٍ كبيرة، وكان ذلك ظلمًا عظيمًا عند رب العالمين.
  • قال – عز وجل – في كتابه العزيز: ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ” سورة النحل، آيات ٨٥ و ٩٥.
  • وقوله عز وجل ” وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ” سورة التكوير، الآيات ٨
  • جاء الإسلام ليكرم البنت، أيًّا كانت مراحل عمرها، فالبنت في الإسلام مكرمةٌ، ذات قيمةٍ، ولها حقوقها، لا يغفر لمن يجور عليها،ومن الأحاديث الواردة في ذلك، جاء عن المغيرة بن شعبة، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعا وهات ووأد البنات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ” رواه البخاري.

3- كيف أربي ابنتي؟

  • قبل التفكير في كيفية تربية البنت، يجب أولًا اختيار الأم، فهي الأقرب، والوالدة، والحياة لابنتها، فإن اختيار الزوجة الصالحة، أعظم الأسباب التي تعين على تربية الأبناء تربية صالحة؛ لأنها الملازمة، والحاضنة لها، فإذا كانت طباعنا تتأثر بالصديق، والجليس، فما بال الأم؟!
  • لا يجوز النظر للبنت على أنها أقل قيمةً من الولد، فليس معنى أن الولد يرزق بضعف نصيب البنت، أنه الأفضل، وإنما لأن الولد له القوامة في الإنفاق.
  • ولذلك كان الميراث له سبيلًا في الحصول على طريقة قوامته،ولا يجوز تعامل الولد بالأفضلية، بل تجب المساواة في التربية، والرعاية، وحتى إظهار العواطف؛ لأن هذا سوف يعطي تأثيرًا على البنت بالإيجاب، أو السلب.

4- دور الأم في تربية الابنة

 مرحلة الطفولة:

  • هي أكثر فترة تكون الفتاة أشد احتياجًا لحنان الأم، وعاطفتها تجاهها، فهي تحتاج أن تحملها، وتدللها، وتهتم بها، حتى أن في هذه الفترة تنمو مشاعر البنت، من ناحية الغيرة على أمها.
  • فهي لا تحب أن تهتم أمها بسواها، كما أن على الأم أن تراعي هذه المشاعر، وتقدرها، وتعمل على رعاية ابنتها، والاهتمام بها، وتدليلها.
  • تحب البنت في هذه الفترة التدليل، والألعاب، وتوجه مشاعر أمها، وتغمسها بنفس صورتها، وتكون القدرة على التقليد لديها كبيرةً، لذلك على الأم أن تتفهم طبيعة ذلك، وتتعامل معه .
  • الأم هي الأكثر ملازمة للبنت معظم عمرها، لذلك عليها أن تكون قدوةً صالحةً، وأن تتصرف بحكمةٍ، وحسن سلوك؛ لأن الفتاة تتعلم كل ما تتصرف وفقه أمها، وتحاول تطبيقه .

 فترة المراهقة:

  • هي الفترة التي تتشكل فيها شخصية الفتاة، وهي مرحلة تتعرض فيها البنت للكثير من التقلبات، والتغيرات الجسمية، والنفسية، على الأم أن تبتعد عن مراقبة البنت في هذه المرحلة العمرية.
  • بل تتخذها صديقةً لها، وتتعامل مع تقلباتها النفسية، وتحسن اختيار طريقة نصحها، كما أنه عليها أن تبتعد عن أسلوب المقارنة، بينها، وبين الآخرين، فلكل شخصٍ مميزاته، التي قد لا يدركها الجميع.
  • كما أنه في هذه المرحلة، تتشكل مشاعر البنت العاطفية، والانجذاب للجنس الآخر، فعلى الأم مراعاة ذلك، وتربية ابنتها علي فضيلة الحياء، والذي هو تاج الفتاة، ولباسها، مهما تطورت الأزمان.
  • كما يقع على عاتق الأم تعليم البنت بعض الأمور، التي لا يستطيع سواها تعليمها إياه من الأمور المتعلقة بالغسل، وبعض الأمور الدينية، فالأم هي مدرسة ابنتها، وسؤالها، حتى تتعلم البنت من أمها، ولا تلجأ لغريبٍ، قد يستغل هذه الحاجة، بأي صورة من الصور.

 سن الرشد:

  • هي المرحلة التي تظن الفتاة أنها قد كبرت، وتحاول أن تتخذ قراراتها بنفسها، وأنها لا تحتاج لإذن، وتكون بالفعل قد اكتمل عقلها، وشخصيتها، هنا لا تحب البنت توجيه الانتقاد، بل على الأم أن تكون مصدر الحماية، والأمان، والتفهم للبنت.
  • ومساعدتها في كل ما هو صواب، وصحيح، وإبعادها عن الخطأ، بطرقٍ غير مباشرة، كما على الأم أن تتفهم دائمًا، أن الحياة تتطور، وتختلف، والأفكار كذلك، ولا فرق بين ولدٍ، أو بنت.
  • الأم هي مدرسة البنت، وأمانها، وبيتها، لذلك عليها دائمًا أن تهتم بابنتها، وأحلامها، وتصبح صديقتها؛ لتكسبها إلى صفها.

 

5- دور الأب في تربية الابنة

  • للأب دورٌ كبيرٌ في تربية الأبناء، وخاصةً البنات، فلا يعتقد الأب أن توفير المأكل، والمشرب، والملبس، يكفي لتحقيق هدفه في تربية ابنته .
  • عدم المساواة من الأمور الجائرة في تربية البنت، فعلي الأب أن يعلم أنه لا فرق بين فتاةٍ، أو ولد، وأن كلاهما يستحق التدليل، والتفهم، والعطف، والحنان، وأن ابنته هي التي قد تكون سببًا في دخوله للجنة، وفق السنة النبوية.
  • الأب هو الأمان الوحيد للفتاة، وهو السبيل في القضاء على خوفها، فهو بطلها، وأميرها، ملجأها إذا خافت من أمها، أو أخوتها.

مرحلة الطفولة:

  • على الأب أن يهتم بابنته في هذه المرحلة، وإن كان احتياجها لأمها أكبر، إلا أن الأب عليه حق الاهتمام، في حالة تقصير الأم، أو انشغالها.

 مرحلة المراهقة:

  • هذه المرحلة عكس مرحلة الطفولة، فهي المرحلة الأشد احتياجًا فيها للأب؛ لأنه هو تعريف الجنس الآخر بالنسبة لها، وهو مصدر إيمانها، وثقتها في الحياة، فعلى الأب أن يقدم لأمه صورة الرجل، بثقته، وعطفه، وتفهمه، وعدم اللجوء للعقاب كثيرًا.
  • فهي تحتاج إلى المناقشة، والتعليم، والإقناع بطرقٍ هادئة، وفيها رحمة بها، فهن كائناتٌ رقيقة، لا تتحمل الأذى.
  • علي الأب أن يعلم ابنته في هذه المرحلة الصلاة، وأن يتابع دروسها، والكثير من التعاليم الدينية، والتي قد لا تجد الأم لها وقتًا لتعليمها.
  • كما يجب أن يعطي ابنته قدرًا من الحرية، ولكن في نطاقٍ محدود، فبعض الحرية، والتدليل، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، فلا إفراط، ولا تفريط، دعونا نستكمل الإجابات الجوهرية حول سؤال: كيف أربي ابنتي؟

سن الرشد:

  • هي المرحلة التي تتوسع فيها تطلعات البنت، وأحلامها، على الأب أن يساعدها في تحقيق ذلك كله، طالما لا يتنافى مع الآداب العامة، والأخلاق، والدين.
  • الوالدان عليهما دور تعليم الفتاة الاحترام، وحسن التصرف، والمسئولية، ويتم ذلك بتفهم طبيعة ابنتهما، ومعرفة طرق إقناعها، ومصادقتها.

6- المصادر

بقلم رحاب خالد