علاقة الأسرة المسلمة بالجار، نظَّم ديننا كافة أمور حياتنا ، الجار هو فرد أو أسرة تعيش جوارك، ليس بالضرورة أن تكون في منزل، ولكن في محل، أو عمل دائم يلزم رؤيته بشكل شبه مستمر، الإسلام قسم الجيران ثلاثة أنواع هم:

 

  • جار مسلم من العائلة: وله ثلاثة حقوقٍ، أقر له الإسلام بأحقية القرابة أي له حق صلة الرحم، وحق الأخوة في الإسلام، وحسن الجوار.
  • الجار المسلم: له حق الإسلام، وحق الجار.
  • الجيران غير المسلمين: لهم حق واحد، وهو حسن الجوار والمعاملة بالمعروف.

 

معنى الجار

الجار هو الشخص الذي يجاورك في نفس الحي الذي تسكن فيه، تصحبه لفترة طويلة من الزمن، فالجار يدري ما لا يدريه الأقربون، ويحس بما يؤلمك قبل الأصدقاء، وإن كنت مريضًا سيذهب بك إلى الطبيب، فهو من سينقذك، وأول شخص تلجأ إليه في حدوث الكوارث والعياذ بالله، مفهوم الجار عميق، يمكن أن يختصر في جملة أنه يدك اليمنى.

 

علاقة الأسرة المسلمة بالجار

 

يتساءل كل شخص منا: ما الواجب على الأسرة المسلمة تجاه الجيران المسلمين وغير المسلمين؟ أقرَّ الإسلام حسن الجوار والمعاشرة بالمعروف، وذكر القرآن الكريم الجار، وأوصى به في قوله – تعالى -:

 

( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْـمَسَاكِينِ وَالْـجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْـجَارِ الْـجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْـمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ) « سورة النساء الآية (36 ) ».

 

وفي حديث عن الرسول  ﷺ قَالَ: ” واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

أي لا يجب الظن بالسوء في الجار، وتخوينه دون سبب، فإن لم ترَ ما يؤذيك، فكفى عن سوء الظن بالجيران؛ حتى لا تقع في المحرمات.

 

الجار في الإسلام

 

كف الأذى، والمعاملة بإحسان، والتعاون الاجتماعي، وتقوية نسيج المجتمع، هذا ما جاء في ديننا عن الجار، فالتعامل مع الجار من قبل الأسرة يكون في حدود الخير، والمشاركة المجتمعية النافعة، والإحسان إلى الجار، وهذا بشكل عام مع كافة الجيران، دون النظر إلى الدين، فالكل سواسية في الإحسان وحسن المعاشرة، لكن ما جاء بفارق بين الجار المسلم وغير المسلم، تم ذكره سابقًا في فقرة أنواع الجيران في الإسلام.

 

الأسرة المسلمة والجار في المناسبات

 

على الأسرة التعاون على البر والإحسان مع بعضها البعض، وكذلك مع الجار، فقد أقر ديننا مشاركة الجيران أفراحهم، والمعاونة والمشاركة على إكمال البهجة في إظهار المساعدة في جلب هدايا، تهادوا تحابوا، فإعطاء الهدايا في المناسبات يعني المشاركة الاجتماعية، فالأعياد هدفها الأساسي هو المشاركات الاجتماعية، والتفاعل، والتعاون مع أبناء الوطن الواحد.

 

الأسرة المسلمة والجار غير المسلم

 

  • لإظهار الود ولين القلب، يمكن للأسرة المسلمة في الأعياد الإسلامية أن تقوم بإهداء بعض الأطعمة الخاصة بالعيد، مثل: الكعك للجار غير المسلم، من باب التفاعل الاجتماعي، واتقاء الشر، وغلق باب الفتن، ومن جهة مختلفة دعوة الجار غير المسلم للاحتفال بعيد المسلمين، من الممكن أن تلين القلب، وتهدي الشخص للإسلام.
  • سؤاله ومساعدته ماديًّا إن احتاج لذلك، إن كان مريضًا فيجب أن تقوم بزيارته، ومعك هدايا.

 

 علاقة الأسرة المسلمة بالجار حسن الجوار والمؤازرة في المصائب

 

من حق الجار على الجار أن يقف معه في مصائبه، وأن يعينه على رفع المشاكل، فيجب السؤال عليه إن غاب لفترة، والتأكد أنه بخير، كما يلزم سؤاله باستمرار عن أحواله المادية، فمن الممكن أن يكون في حالة مادية مزرية، ويلزم على الأسرة الوقوف معه، وإعانته على حلها.

 

حقوق الجار

 

للجار حق على جاره يلزم العمل به، وفق تعاليم الدين الإسلامي، فقد تم تنظيم التعامل مع الجيران بكافة معتقداتهم، وتلك الحقوق لا يتم العمل بها مع الجار المسلم فقط، بل مع الجار غير المسلم أيضًا، فقد حفظ الإسلام حق الجار غير المسلم في الحقوق والواجبات، لكن لا يوجد إلزام لغير المسلم أن يتعامل مع جيرانه بتلك الالتزامات، وأن يعمل بها، وهذا لأنه غير مسلم، ولا يوجد عليه إلزام بفعل أوامر ليست من دينه.

 

  1. رد السلام  والرد بالتحية: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية الإسلام، تعني الكثير من السلام، والتحية، وبث روح الألفة بين الجيران وبعضها، رد التحية تكون لكافة الجيران، بصرف النظر عن الدين الذي ينتمي له.
  2. كف الأذى: حذرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – من أذية الجار، فالأذى بشكل عام حرام في الإسلام، خاصةً إن كان موجهًا للجار.
  3. تحمل الأذى من شيم الكرام: فالبعض يكفي أذاه لغيره، ولكن الصبر على الأذى من الجار، يجازي به الله الصابر والمحتسب، فالبعض يضعف على وقف أذى غيره عليه، ويضطر إلى الصبر؛ لأن ما باليد حيلة، ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)[المؤمنون:96]. ويقول الله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) [ الشورى: 43 ].
  4. السؤال على الجار في أحوال دينه ودنياه: قم بإعانة جارك إن كان مسلمًا على الطاعة، والصلاة، وإقامة شعائر الله، اصطحابه إلى المسجد في يوم الجمعة، وسؤاله عن الصدقات، ودفع الزكاة، تفقد أحواله في الدنيا: المعيشة، وكسب الرزق، فالكثير لديه عزة نفس أن يطلب من جاره أن يعينه ماديًّا، لذلك من حقوق الجار أن تقوم بزيارته محملًا بالهدايا، والتي تكون عبارة عن طعام، وتؤكد أنه هدية؛ حتى لا تجرحه في مشاعره، فقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ” ما آمن بي من بات شبعانًا، وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم “.
  5. ستره وصيانة عرضه: بحكم الجوار قد يرى على الأسرة بعض الأمور الخاصة التي تتعلق بالأعراض، فيجب أن يقوم بحفظ ما يعرفه عن الأسرة، وعدم التحدث عما سمعه أو عرفه لباقي أفراد الأسرة الخاصة به، أو جيرانه، لأن الستر واجب ملزم على ‏الجار، فمن ستر جاره ستره الله في الدنيا والآخرة.
  6. ستر‏الجار واجب، وحفظ الأسرار يدل على حسن الجوار، فليس من الأدب أن تسترق السمع على الجيران، وكبح فضولك والتجسس يجازي عليه الإسلام، فالدين يدين التجسس، فلا تجسسوا، ولا يغتب بعضكم بعضًا.
  7. ‏الجار ليس فقط الذي يعيش في المنزل الذي أمامك، بل زملاء العمل من الجيران، التي تقع عليهم  نفس الحقوق والواجبات.

 

الأسرة المسلمة والجار غير المسلم في شأن المؤازرة في المصائب

 

الأمر محل خلاف بين العلماء، ففئة منهم ترى عدم الاختلاط بهم نهائيًا، وفئة أخرى ترى إمكانية التعامل معهم، في حالة الوفاة، والمرض، وحدوث المصائب والعياذ بالله، مثل التعامل مع ‏الجار  المسلم، من الوقوف بجانبه، ومؤازرته؛ حتى يشتد عوده مرة أخرى، ويقف على قدميه، فالعون واجب من باب النسيج الواحد في المجتمع.

 

الأسرة المسلمة والجار غير المسلم في الأعياد

 

هذا الأمر محل خلاف في الدين، فالبعض ينهى عن تهنئة غير المسلمين، بينما البعض يقر بالتهنئة، من باب التعايش، وكف الأذى، وغلق باب الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

الأسرة المسلمة الصحيحة هي التي تتبع تعاليم الإسلام في كل أمور حياتها، تقوم بتربية أبنائها تربية إسلامية تنهى عن الفحشاء والمنكر، وترشد غيرها بالنصح والإرشاد، باللين، والمحبة، ومراعاة الضمير في كافة جوانب الحياة، البيع، والشراء، وحسن الجوار، وكف الأذى، والصبر على البلاء، ما أسهل ديننا الحنيف الوسطي! لا يحرم إلا ما يؤذي، وما يحلل إلا الخير.

 

خاتمة

 

قدمنا مقالًا مفصلًا عن علاقة الأسرة المسلمة بالجار، وكيفية التعامل معه، شرحنا ما يتوجب على الأسرة فعله تجاه الجيران، وكيفية تنظيم الإسلام لعلاقة ‏الجار بجاره، نتمنى أن ينال إعجابكم.

بقلم سمر علي

 

المصادر

 

حقوق الجار

 

الإحسان إلى الجار مبدأ إسلامي أصيل